تحدثت الأدبيات التربوية بل أطنبت في حديثها عن الإعداد القبلي للمدرس، لكنها قلما تحدثت عن الإعداد القبلي للمتعلم،علما أن هذا الأخير يلعب دورا رياديا في بناء تعلماته الذاتية،والدفع به إلى الانخراط الفعلي في العملية التعليمية التعليمة، وأشير هنا إلى أن هذا الفعل وحتى يؤدي المراد منه يجب أن يخضع لشروط تربوية تسير بالمتعلم إلى التفاعل الإيجابي مع موضوع البحث، وتساعده على تحقيق معارف وبناء مهارات ومواقف،هذه الشروط وللأسف يغيب الكثير منها عن صفوفنا، فيضيع المراد التربوي إما بإهمال هذا النشاط نهائيا، أو بسبب التعامل معه استنادا إلى العادة والتلقائية والتقليد، فيصير عوض وسيلة بانية لمتعلم فعال ونشيط ثقلا ينوء على حمله بل مشكلة عويصة يعاني منها الآباء كذلك.
لقد جنح الإعداد القبلي للمتعلم كمرحلة للتعلم الذاتي المحبب إلى ما يمكن أن نسميه العقوبة، حيث الفروض المنزلية، وكتابة النصوص على اختلاف أشكالها، ورسم الجداول والخرائط، والإجابة عن الأسئلة المذيلة في الكتاب المدرسي...، والمؤسف له أن المتعلم كلما ارتقى في مجال التعلم إلا وزاد ثقل هذه المرحلة الحيوية في الأصل.
أمام هذه الصبغة الإكراهية العقوبية، غالبا ما يلجأ المتعلم إلى طلب العون من أفراد الأسرة، بل وفي بعض الأحيان تنخرط معه الأسرة في طلب العون من الجيران وغيرهم وقد يصل الجار أحيانا أربعين دارا... وقد يجبرون على الساعات الإضافية التي سخرها بعض المحسوبين على الأسرة التعليمية الشريفة لجمع الأموال من خلال تخصيصها لإنجاز تمارين المتعلمين فيقومون مقامهم وهم يساهمون بذلك في سلبيتهم وقتل إرادتهم...
وقد يؤدي الأمر في أحيانا أخرى إلى ظهور سلوكات غير صحيحة لدى المتعلمين عنوانها التمارض والإهمال، وكره الإعداد القبلي وبالتالي كره الآمر بالإعداد القبلي، ثم النفور من المدرسة بصفة عامة.......